حذرت الهيئة المغربية لسوق الرساميل (AMMC) في تقريرها السنوي الجديد "سوق الرساميل بالأرقام – 2024" من هشاشة الهيكل السوقي لبورصة الدار البيضاء، مسلطة الضوء على مخاطر الاعتماد المفرط على المستثمرين المؤسساتيين، مثل شركات التأمين وصناديق التقاعد، في ظل مشاركة ضعيفة من المستثمرين الأفراد والمقاولات الصغيرة والمتوسطة. وأوضحت الهيئة أن هذا التركز الكبير في فئة محددة من المستثمرين قد يؤدي إلى تقلبات حادة في السوق في حال حدوث صدمات خارجية أو انسحاب سريع لرؤوس الأموال، خصوصاً الأجنبية منها.
بحسب التقرير، تواصل المؤسسات الوطنية الهيمنة على السوق الثانوي، وهي توفر بالفعل نوعاً من الاستقرار، إلا أن غياب التنوع في قاعدة المستثمرين يهدد بزيادة هشاشة النظام المالي، ويحد من ديناميكيته. في الوقت نفسه، أشار التقرير إلى ارتفاع حصة المستثمرين الأجانب إلى ما يقرب من 30% من إجمالي رسملة الأسهم المدرجة، وهو ما يعكس تطوراً في جاذبية السوق المغربية على المستوى الدولي، مدعومة بتحسن تصنيفات المغرب الائتمانية وتعزيز معايير الحوكمة والشفافية.
رغم هذا التقدم، شددت الهيئة على أن توسيع قاعدة المشاركة المحلية في السوق يعد أمراً ملحاً. فغياب المستثمرين الأفراد والمقاولات الصغرى والمتوسطة لا يعكس فقط قصوراً في الشمول المالي، بل يقوض فرص الاستفادة من الدور الحقيقي الذي ينبغي أن يلعبه سوق الرساميل في تمويل الاقتصاد الوطني. ودعت الهيئة إلى تكثيف الجهود في مجال التثقيف المالي، وتبسيط إجراءات فتح الحسابات الاستثمارية، وتطوير منصات رقمية موجهة خصيصاً لهذه الفئات، بما يسهل ولوجها إلى السوق.
كما أبرز التقرير الأثر التحويلي للرقمنة في فتح المجال أمام شريحة أوسع من المجتمع للاستفادة من الخدمات المالية. وفي ظل مواصلة المغرب تنفيذ استراتيجيته الوطنية للتحول الرقمي، حثت الهيئة الفاعلين المؤسساتيين والسلطات العمومية على استغلال الإمكانات التي تتيحها التكنولوجيا لتقليص فجوة المشاركة في السوق. وأكدت الهيئة أن تعزيز الثقة في سوق الرساميل، وتمكين فئات جديدة من الفاعلين الاقتصاديين من دخوله، هو السبيل لتحقيق نمو مستدام وتحقيق التوازن بين الاستقرار والانفتاح على الاستثمارات.
وتأتي هذه الدعوة في وقت يشهد فيه الاقتصاد الوطني حاجة متزايدة إلى تنويع مصادر التمويل ودعم دينامية النمو عبر قنوات السوق، لا سيما في ظل التحديات الدولية والإقليمية المتسارعة. وخلصت الهيئة إلى أن تعزيز الشمولية والتنوع لم يعد خياراً، بل ضرورة لحماية السوق من المخاطر النظامية وضمان قدرته على أداء دوره كمحرك لتمويل التنمية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق